وجّه ديفيد رود كتابه “ما وراء الحرب.. إعادة تصور النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط الجديد” إلي صانع القرار الأمريكي، فهو يؤكد أن إدارة أوباما في فترتها الثانية عليها أن تعتمد سياسة تحالف مع العرب والجنوب آسيويين الملتزمين بالقيم الديمقراطية، والمعارضين للعنف، ويجب أن يكون تركيز واشنطن علي إيجاد سبل مستمرة لتقوية هذه المجموعات الديمقراطية علي المدي الطويل، إذ إنها، لا الجنود الأمريكيين، تمثل السلاح الأكثر قوة وكفاءة في مواجهة الجهاديين والمتطرفين.
يصف رود كتابه بأنه محاولة لوصف “منهج أمريكي أكثر فعالية وبرغماتية للتعامل مع العالم الإسلامي”. ويري “أن الاقترابات الأكثر اقتصادية وأقل عسكرية سوف تحقق نتائج أكبر من تلك التي حققتها حربا أفغانستان والعراق. فعلي الرغم من أن الضربات التي تقوم بها الطائرات دون طيار، والعمليات السرية قد تكون ضرورية، فإن الاستثمار في السياسات الاقتصادية والتعليم من شأنه أن يمثل سلاحا قويا، فعلينا أن نطور فهما أكثر تركيبا للمنطقة ولكيفية التعامل معها”.
ويؤكد المؤلف أن المنطقة الآن تزخر بشباب يتطلع إلي الوجه الآخر للوجود الأمريكي، فهو يريد منها أن تلعب دورا بناء في الاستثمار، والتعليم، والتجارة، والتكنولوجيا، خاصة أن استطلاعات الرأي العام في دول مثل مصر، وليبيا، وتونس تشير إلي إعجاب شعبي بالثقافة والتكنولوجيا الأمريكية، وفي الوقت ذاته لا يريدون أن يحكم الجهاديون المتشددون بلادهم.
كما يركز رود علي السياسة الأمريكية في شمال إفريقيا، خاصة تجاه مصر، وليبيا، وتونس. ويبدو أن معضلة العلاقة بين الإسلام والديمقراطية هي أخطر ما يواجه إعادة بناء هذه الدول من وجهة نظر الكاتب، وغيرها في العالم الإسلامي، بعد سنوات الثورة والاضطراب.
ويفرد رود فصلاً عن ليبيا، فقد أسهمت واشنطن بفاعلية في إسقاط نظامها، غير أنها لم تسع لملء الفراغ الناجم عن هذه العملية. لقد استطاعت العناصر المتطرفة أن تملأ جزءاً كبيراً من هذا الفراغ، وكان الهجوم الذي تم علي السفارة الليبية في أواخر 2012، ونجم عنه مقتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز، علامة علي انفلات الأمور في ليبيا. وعلي الرغم من هذه الضربة، فلم تعالج واشنطن الموقف علي نحو جدي، فظلت مرتبكة إزاء ما يحدث. ويعزو رود هذا التعثر إلي أن الولايات المتحدة فشلت في تعزيز مقاوليها وهيئاتها الاستثمارية والتعاونية مثل USAID في ليبيا بما تركها غنيمة في يد المتطرفين.
عن مجلة المستقل – العدد الأول (أسبوعية تصدر عن المنظمة الليبية للصحافة وحيادية المعلومات).