لا .. لتدويل الأزمات العربية

 خيارات الربع ساعة الأخير أمام النظام السوري

 لم يكن الاجماع الرسمي والشعبي العربي برفض تدويل الأزمات العربية، ينطلق من فراغ، أو يعبر عن قصر رؤية.. بل يستند إلى تجربة غنية تضرب في أعماق التاريخ.. وتستذكر أطماع الدول الكبرى في الوطن العربي، وفي السيطرة على مقدراته وثرواته الهائلة، وفي مقدمتها النفط، ما يخدم أهدافها الاستراتيجية، ولا تزال تعمل جاهدة للعودة من الشباك وقد خرجت من الباب.

ومن هنا فوصول بعض الثورات إلى مرحلة الاستعصاء بسبب رفض الأنظمة، وخاصة في سوريا واليمن، الاستجابة للشارع، ومطالبه العادلة في الحرية والكرامة.. في الإصلاح والتطوير والتحديث.. في الديمقراطية والتعددية وصولا إلى الدولة المدنية الحديثة، القائمة على تداول السلطة والاحتكام إلى صناديق الانتخاب، وليس الاحتكام إلى القوة العسكرية والحلول الأمنية.

 لقد أثبتت الأحداث والوقائع المؤسفة، وعلى امتداد أكثر من عشرة أشهر، فشل الحلول الأمنية، وفشل الاستقواء بالآلة العسكرية، لقمع الثورة، وكانت النتيجة سقوط آلاف الشهداء والجرحى، وتدمير الاقتصاد الوطني، وفتح الباب على مصراعيه لسيناريوهات خطيرة، تبدأ بالحرب الأهلية، وتنتهي بالتدخل الأجنبي، وهذا ما يفرض على النظام السوري وفي ربع الساعة الأخير أن يكف عن المناورة، ويكف عن سياسة كسب الوقت والمماطلة، ويعلن قبوله بالمبادرة العربية ويعمل فورا على تطبيقها بسحب الجيش والدبابات من المدن السورية، والبدء بحوار مع كافة أطياف المعارضة للخروج بحل جذري ينقل القطر الشقيق من مرحلة إلى مرحلة، لبناء سوريا الحديثة، دولة المواطن والحرية والديمقراطية والتعددية، دولة المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، ودولة تداول السلطة والحكم الرشيد.

 مجمل القول: ان الرفض العربي للتدخل الدولي لحل الأزمات العربية وعلى رأسها الأزمة السورية يجب أن يبقى ثابتا ومرتكزا رئيسا في السياسة العربية، لا يجوز تجاهله، أو القفز من فوقه، تحت أي ظرف. وبأية صورة، وهذا يستوجب من النظام السوري، أن يكف عن سياسة المماطلة ويعلن قبوله بالمبادرة العربية كسبيل وحيد لإنقاذ القطر الشقيق من الحرب الأهلية، ولقطع الطريق على القوى المعادية التي بدأت رياحها تتزاحم في سماء الشام.

About A. Monem

supervisor
هذا المنشور نشر في مقالات, متابعات وكلماته الدلالية . حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق